(بعض قصص الحسد في القران الكريم)

*((بسم الله الرحمن الرحيم))*...
(بعض قصص الحسد في القران الكريم)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه طرّا محمد آله المعصومين الطيبين الطاهرين:
لنا في القران الكريم قصص وعبر ودروس في مختلف مجالات الحياة والتي بالنتيجة عند التمسك بها يخلص العبد لربه تعالى وينال بها رضاه تعالى والذي هو غاية آمال العارفين.
ونحن هنا سنذكر عبرة ذكرت في القران المجيد على شكل قصة لنستفاد من شذاها، ونتعلم ولو بشكل بسيط على كيفية القراءة ألمتمعنة واستخلاص الرحيق العطر من كلام الله عز وجل الذي يؤتي أكله كل حين.
هذه العبرة تتحدث عن الحسد . هذا الداء العضال الذي يستشري في نفوس الضعفاء من الناس من أول بدء الخليقة حيث حسد قابيل أخاه هابيل فأصبح من الخاسرين إلى قيام يوم الدين، نعوذ بالله وإياكم منه.
هذا الداء يتمنى الحاسد بل يسعى في زوال نعمة احد من الناس لكونه أغنى مثلا أو أكثر علما أو إزاحة احد من الحياة العامة بسبب خاصية فيه معدومة عند ألحاسد أو...أو...أو...إلى ما هنالك من أسباب ودواعي دنيئة نسأل الله تعالى باسمه العظيم الأعظم وبحق أحب الناس لديه سيدنا محمد وآله الطاهرين أن يغسل قلوبنا ونفوسنا منه انه سميع قريب مجيب.
وعلى كل حال نجد هذا الداء قد كان طاغيا على قلوب إخوة يوسف (عليه السلام ) في فترة زمنية ليست بهينة ، وأنا هنا سأتوقف على ذكر ما يتصل بالموضوع من القران الكريم ولن أورد الروايات المتعلقة به فهي كثيرة وتخرج قصدنا المختصر. عندما وجد أخوة يوسف أباهم كثير الاهتمام بيوسف وأخيه - بحسب نظرهم القاصر- وذلك لخاصية فيه ذكرها القرآن الكريم في بداية السورة ولا توجد فيهم حيث عبر القران الكريم عما دار بينهم بالآية الآتية )((إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة أن أبانا لفي ضلال مبين))...:- (يوسف8
نرى أنهم هنا قد أخطوا في أمرين :
الأول:-اعتقادهم بأن توجه الأب نحو يوسف وأخيه دونهم وهذا بالنتيجة بنظرهم ظلم ولا سيما أن من أم غير أمهم...
الثاني:-نظرتهم القاصرة بأن الكثرة هي الموجبة للعزة
فالواجب من الأب الاعتناء بهم أكثر لأنهم مصدر قوته وشوكته، النتيجة فتوجه الأب نحو يوسف كان خطأ ((إن أبانا لفي ضلال مبين)) ومن هنا دب الحسد فيهم على يوسف بالذات دون أخيه لأن ماجرى من أحداث على يوسف دون أخيه...
وهنا تجدر الإشارة إلى أن طبيعة البشر تتوجه وتعتني بالموهوبين والذين لديهم خصائص تميزهم عن غيرهم ألا ترى أن ألأب في بيته يعتمد وبشكل لا إرادي على الولد الذي تظهر فيه صفات المروءة والشهامة والذكاء لكن دون غمط حق العناية بالآخرين وإلّا لكان هناك ظلم حقا .
وفي قصتنا لا يمكن أن يكون الاعتناء بيوسف من قبل يعقوب الأب على حساب الآخرين- حاشا لله - فهو معصوم من الخطاء ، وعلى أية حال عندما شخص الأخوة خطاء منهم ذلك وشعروا بأن يوسف قد أخذ كل اهتمام أبيهم فحسدوا يوسف على ذلك وأخذوا يتشاورن بينهم لإزاحة هذا الحاجز من بينهم وبين الأب واختلفوا بينهم على الطريقة التي يتخلصون بها منه ((اقتلوا يوسف أو أطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم))وبعد ذلك أي عند التخلص منه يتوبون((وتكونوا من بعده قوما صالحين))
وهنا لابد أن نشير إلى أنهم يدركون خطأ فعلتهم وآلا لما قالو ((وتكونوا من بعده _أي بعد التخلص من يوسف _قوما صالحين ولكن الحسد كان قد شحن صدورهم وأعمى بصيرتهم ...
وفي آخر المطاف أستقر رأيهم على مشورة أحدهم بإلقاء يوسف في بئر واختلاق قصة لأبيهم ستأتي إنشاء الله تعالى ...
((قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف والقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين))
وبهذه الطريقة يكونوا قد تخلصوا من يوسف بابتعاده عنهم إذا أخذه أناس آخرون وإلى بلاد بعيدة ودون أن ير تكبوا جريمة القتل المتعمد وهنا اخذوا يفكرون بطريقة أخذه وإعمال الحيلة على أبيهم فقالو:-((قالوا يا أبانا مالك لاتأمنا على يوسف وإنا له لناصحون))وبهذه الطريقة يريدون إقناع أبيهم في حبهم ليوسف وخوفهم عليه ، وطلبوا منه ((أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون)) فبإبعادهم له عن أبيه ستكون الفرصة سانحة لتنفيذ المؤامرة ...
لكن يعقوب الأب كان عالما من الله تعالى بنواياهم ولكن لا أستطيع البوح بها لعدم وجود دليل مادي على ذلك وكذلك لا يجوز توجيه الاتهام والتجريم بدون جناية لكنه قال:((قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون))...
وهنا إشارة دقيقة لابد من التنبه لها ،وهي إن يعقوب لم يرد أن يواجههم بنواياهم وما خططوا له مسبقا ولكنه أبدى ذلك على أنه خوف يساور الوالد على ولده ...
وبطريقة غير مباشرة قال لهم إنكم ستأتون لي بعد ذلك بدون يوسف وستنسجون لي قصة أكل الذئب له وهم في غفلة من أمرهم ولعبهم ...
لكن ومع شديد الأسف لم ينتبهوا لذلك ،ولم يتساءلوا حتى سؤال ما أدرى أبونا بذلك وما خططنا ليوسف؟
وذلك لأن شدة الحسد الذي أعمى البصيرة على يوسف لم يمنحهم حتى فرصة التفكير دون الندم أو لوم النفس آنذاك...

وعلى كل حال ذهب الأخوة بيوسف وألقوه في غيابه الجب ورجعوا إلى أبيهم عشاءا _أي ليلا_وهم يبكون أو يتباكون ((وجاءوا أباهم عشاء يبكون)) وماذا قالوا؟
((قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق .....وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب))
فيا للعجب ((أكله الذئب))!!نفس العبارة التي قد تخوف منها يعقوب
سابقا ،يا للحسد كم يعمل وما يعمل !!!
ثم عقبوا بقولهم وبنفس الآية ((..وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين))
وهنا في هذا المقطع من الآية الشريفة نجد:-
1**أن المجرم إذا عمل الخطأ فهو يتصور أن كل العالم قد شاهده ورآه ولو كان في حجر ضب،ولن يصدقه أحد إذا تكلم و يريد التمويه على خطئه ومعصيته وهذه جبلة في أغلب البشر...
2 **إنهم عبروا بـ ((ولو كانا صادقين)) وحرف (( لو))في اللغة حرف امتناع لامتناع ،وهنا في هذا المقطع يعني امتناع التصديق بهم لعدم قولهم الصدق...
وفي المقابل كان أبوهم غير مصدق ويتبين لنا هذا من مقطع الآية الكريمة ((..قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا..))يوسف(18)
ثم تستمر الأحداث تتوالى على يوسف من حين إلقاءه في الجب إلى حين دخوله بيت العزيز في مصر إلى أن خرج من السجن وصار مسئولا على خزائن الأرض ، أعزفنا عن ذكرها لعدم الأطاله ولأنها لا ترتبط بموضوعنا الذي نحن بصدده وهنا أيضا موقف آخر نريد تبيانه وهو عندما جاء إخوة يوسف إلى مصر في سنين القحط والمجاعة ودخلوا على يوسف هنا عرفهم ولم يعرفونه ((وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون))
وعندما جهزهم بالمؤونة طلب منهم أن يأتوا له بأخ لهم من أبيهم
((ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم...))عجبا لهم ألم يتساءلوا كيف عرف هذا العزيز بأن لنا أخا غير شقيق؟ولو أنهم أعطوا الفرصة لأنفسهم بذلك لأدركوا أن الأمر غير طبيعي ولو أزاحوا حينها غشاوة وظلمة الحسد اللعين لاكتشفوا أن الذي يكلمهم هو أخوهم ولكن هيهات لمن أعماه هذا الداء القاتل..
عموما وعد الأخوة بإحضار أخيهم (بنيامين)في المرة القادمة وطلبوا ذلك من أبيهم يعقوب كما هو وارد في الآية الشريفة وهنا أيضا أبوهم عندما قبل إرسال(بنيامين) معهم أخذ عليهم موثوقا من الله وعهدا على إرجاعه إلا- وهذا بيت القصيد - أن يكون هنالك مانع غير طبيعي يمنعهم من عدم إرجاعه وأعطوه ذلك العهد
((قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثوقا من الله لتأتني به إلا أن يحاط بكم...))
وهنا نجد أن أباهم قد أعطاهم إشارة أخرى بأن أمرا ما سيحدث عليكم يمنعكم من إرجاع أخيكم((ألا أن يحاط بكم)) وهذا الذي حدث عندما جاءوا لمصر ودخلوا على يوسف ومعهم (بنيامين) حيث أخذه يوسف منهم وعرفه بنفسه بأنه أخوه ((ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه وقال إني أنا أخوك))وهنا تنقلب الصورة بالاتجاه الآخر حيث يقوم يوسف بإعطاء الدرس لأخوته لعلهم ينتبهوا بعد الدرس الأول عندما طلب الأخ الغير شقيق ولم يستوعبوه هنا قام يوسف عندما جهزهم ببضاعتهم وجعلالسقاية (المكيال )في متاع أخيه ((ولما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه))وبالنتيجة الطبيعية سيسأل العزيز عن سقايتة المفقودة ((ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون))
وعلى كل حال بدأ التفتيش عن سقاية العزيز حيث استخرجوها من رحل (بنيامين) كما تصف الآيات من70إلى 76 المراد الذي يهمنا في موضوعنا هنا هو أن أخوة يوسف عندما استخرجوا السقاية من رحل (بنيامين) ماذا قالوا ((قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل )) أي كما سرق يوسف قلب أبينا كذلك اليوم (بنيامين) أخو يوسف ((فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم)) تحمل مقولتهم و نعتهم الكاذب لكنه أيضا لم يبق ساكتا وهنا بيت القصيد ((..قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون))كيف عرف يوسف أنهم شر مكان وغير صادقين عندما ربطوا بين سرقة يوسف و( بنيامين)؟وكذلك لم ينتبه الأخوة لهذه المقولة بسبب هذا الداء العضال وهنا ينبغي التوقف للمقارنة بين القولين من الأخوة في تعبيرهم عندما فعلوها بيوسف مسبقا كما ذكرنا والحيلة التي عملوها قالوا:- ((قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ))
وهنا عند رجوعهم لأبيهم بعد حجز((بنيامين)) في مصر من قبل العزيز الذي علمهم بم يقولون ..
((ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إنا أبنك سرق وما شهدنا الا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين)) وهنا التعبير اختلف عن سابقه ((إن ابنك سرق)) ظاهرا كما رأيناه وشهدناه ( وما شهدنا إلا بما علمنا)ولم يكن بحسباننا ذلك حيث كانت النتيجة أن حجز أخونا وكذلك قالوا ((وسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون )) أي أن لدينا في هذه المرة شهودا على مقولتنا وأكدوا كذلك على صدق حكايتهم ((وإنا لصادقون))وهنا بخلاف ما تعلق بيوسف مسبقا **فتأمل**
وتستمر الأحداث ويبقى (بنيامين) مع أخيه يوسف ويرجع بعض الأخوة ليعقوب ويخبروه بالذي حدث، لكن يعقوب ماذا قال لهم((يا بني أذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله ..)) سبحان الله الأخوة يعرفون أن (بنيامين) عند العزيز في مصر فكيف أبوهم يطلب منهم الاستفسار والبحث((فتحسسوا))عن يوسف إلا إذا كان في الأمر شيئ ومع الأسف الشديد مرات ومرات بسبب هذا الداء لم يتنبهوا!!!
وفي النهاية وعندما اشتدت بهم الضائقة وصارت حياتهم لا تطاق جاءوا ليوسف ((فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين))وفي هذه اللحظة وجد يوسف أن لابد من كشف الهوية وتعريف إخوته به حيث أن الظرف مؤات ونفوسهم بعد الضر الشديد الذي أصابهم مهيأة لللإنقلاب بالاتجاه الصحيح لذا قال لهم ((قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون))
وبهذا التساؤل هز يوسف ضمير أخوته وأزال غشاوة الحسد من قلوبهم ونفوسهم ،فانتبهوا من سباتهم وقالوا((قالوا أإنك لأنت يوسف )) وبدت عليهم علامات الندم والتراجع عن مواقفهم الخاطئة السابقة واعترافهم بذلك الخطأ حيث قالوا ((قالوا تالله لقد أثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين))ومن الجهة الأخرى لم يقنّطهم يوسف الصديق من رحمة الله تعالى حيث قال ((لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)) كما أنهم كذلك اعترفوا بذنبهم عند أبيهم وطلبوا منه أن يستغفر لهم الله سبحانه وتعالى ((قالو يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين )) وهو يعقوب عليه السلام قال لهم ((قال سوف استغفر لكم ربي أنه هو الغفور الرحيم )) وبهذا أعلنوا توبتهم رحمهم الله تعالى الخالصة وتخلصوا من ذلك الداء العضال
وككلمة أخيرة وبعد تمعننا بهذه القصة المملوءة بالعبر والدروس والكاشفة عن المضار والنتائج السيئة التي يفرزها مرض الحسد اللعين ، علينا وبصدق غسل نفوسنا وتطهير قلوبنا بالتوبة النصوحة لله عز وجل الغفور الرحيم من هذا المرض – إن كان موجودا – والتعهد بصدق بتشخيصه في نفوسنا وغيره حتى نكون أناسا صالحين ينتفع بهم المجتمع ((رب أغفر وأرحم وأنت أرحم الرحمين)) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه طرّا سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ...

بارك الله فيكي سوليتير

مشكوورة على الموضوع الجميل

تقبلي مروري

مشكورة ياحبى على الموضوع المميز

الله يعينك يارب

بارك الله بك اختي موضوع يستحق الوقوف عنده جعله الله لك في الميزان

موضوع مهم فعلا

بارك الله فيكي أختي

جزاك الله كل خير على ما تقدمين