نجمع هنا بعض الأبيات التي قيلت في علم النحو بين ناصر وقادح :
كَأَنيَ مِن أَخبارِ إِنَّ وَلَم يُجِز * لَهُ أَحَدٌ في النَحوِ أَن يَتَقَدَّما
عَسى حَرفُ جَرٍّ مِن نَداكَ يَجُرُّني * إِلَيكَ فَأضحي مِن زَماني مُسَلَّما
لو تعلم الطير ما في النحو من شرف ** حنّت وأنّت إليه بالمناقيـر
إن الـــكلام بلا نحو يزينه ** نبح الكلاب وأصوات السنانير
أَلا إِنَّ علمَ النَحو قَد بادَ أَهلُهُ * فَما أَن تَرى في الحَي مِن بَعدهم حَيّا
سَأتركه تَركَ الغَزالِ لظله * وَأُتبِعُه هَجراً وَأُوسِعُه نَأيا
وَأَسمو إِلى الفِقه المُبارَكِ إِنَّهُ * ليُرضيكَ في الأُخرى وَيُحظيك في الدُنيا
وَما الفِقهُ إِلا أَصلُ دينِ محمدٍ * فَجَرِّد لَهُ عَزماً وَجَدِّد لَهُ سَعي
وَمَن كانَ ذا حَظٍّ مِن النَحو وَاللُغا * يَرى أَنَّهُ أَسنى الفَضائلِ مَطلَبا
وَيزهى عَلى هَذا الأَنام لِأَنَّهُ * يَرى هَمَجا في الناس مَن لَيسَ مُعرِبا
حالُ النحاةِ على العمومِ تميَّزَتْ * عندي لأن القومَ أهلُ خصوصِ
من أجلِ قاضٍ قد رَمَوْهُ بعلةٍ * ودَعَوْهُ بالمستثقَلِ المنقوصِ
فَدَعني مِن قَول النُحاة فَإِنَّهُم * تَعَدّوا لِصَرف النُطق في غَير لازِمِ
إِذا أَنا أَحكَمت المَعاني خَفَضتُهُم * وَأَرفعها قَهراً بِقوة جازم
مُكِبٌّ على النَّحوِ يَنحوُ بِهِ * ليِسلَمَ في قَولِهِ من خَطَلْ
يقولُ أُقَوِّمُ زَيْغَ اللِّسانِ * فهلاَّ يُقَوِّمُ زَيْغَ العَمَل
غُذِيتُ بعلم النَحو إِذ دَرَّ لي ثَديا * فَجسمي بِهِ ينمى وَروحي بِهِ تَحيا
وَقَد طالَ تَضرابي لزيدٍ وَعَمرِهِ * وَما اِقتَرفا ذَنباً وَلا تَبعا غَيّا
وَما نِلتُ مِن ضَربيهما غَيرَ شُهرةٍ * بِفَنٍ وَما يُجدي اِشتهاري بِهِ شَيّا
وَمَن يَعنَ بِالتَسهيلِ يَرأس بِفَهمِهِ * وَقاري سِواهُ في عَناءٍ وَإِحراضِ
كِتابٌ نَفيسٌ لَم يُؤلَّف نَظيرُهُ * غَدا زُبدةً في النَحوِ مِن بعدِ تَمخاضِ
بِهِ نُسِخت كُتبُ النَحاةِ وَمُزِّقَت * فَصارَت هَباءً طارَ في كُلِّ أَراض
ناحانِيَ المَحبُوبُ عِندَ اللقا * فقُلتُ لا أرضَى سِوى سِيبَوَيه
فَقالَ دَع عَنكَ نُحاةَ الوَرى * وَقولَهُم لا تجرِ يَوماً علَيه
فإِنَّهُم قَد جَوَّزُوا فاصِلاً * بينَ مُضَافٍ ومُضَافٍ إِلَيه
في ازديادِ العلمِ إرغامُ العِدى * وجمالُ العلمِ يا صاحِ العملْ
جمِّلِ المنطقَ بالنَّحوِ فَمَنْ * يُحرمِ الإعرابَ في النطقِ اختبلْ
وانظمِ الشعرَ ولازمْ مذهبي * فاطراحُ الرفدِ في الدنيا أقلْ
فهْوَ عنوانٌ على الفضلِ وما * أحسنَ الشعرَ إذا لمْ يُبتذلْ
عَلَيكَ بِالنَحوِ لا تَعرِض لِصَنعَتِنا * فَإِنَّ شِعرَكَ عِندي أَشهَرُ الشُهَرِ
لَو كانَ بِالنَحوِ قولُ الشعرِ مُكتَسَباً * كانَ الخَليلُ بِهِ أَحظى مِنَ البَشَر